قصة عن الهجرة القروية

الهجرة القروية قصة عبد السلام نمودجا، الهجرة القروية.

قصة حول الهجرة القروية

استعدي يا فاطمة، فقد قررت الرحيل إلى طنجة، وهو قرار لا رجعة فيه...

بهذه العبارة الحزينة أغلق عبد السلام حواره مع زوجته قبل أسبوع، واليوم ها هو يطبق خطته.

بباب المنزل وقفت سيارة من نوع مرسديس 207، بابها الخلفي مفتوح على مصراعيه، السائق انظم لأهل البيت معينا إياهم على نقل الأثاث من البيت الطيني نحو السيارة...

صمت مطبق، وحزن بادٍ على محيى عبد السلام وزوجته وأهل المدشر الذين جاؤوا لتوديعه.

- لقد ضاق الحال بنا هنا بهذه البادية يا خالتي، الفقر نهش عظامنا، الفلاحة ماتت، الماشية لم تعد تجد مكانا للرعي، المعيشة غالية، العطش، الطريق لا تصلح حتى للبهائم...لا صحة ولا راحة...نعمل طيلة السنة والنتيجة لا شيء...لذا قررت الهجرة إلى مدينة طنجة قصد البحث عن عمل هناك.

يقول عبد السلام لخالته طاهرة التي جاءت لتوديعه، فتسأله المرأة من جديد:

- وأين ستسكن هناك؟


- لقد اكتريت قبل أيام بيتا صغيرا بطنجة. سومة  الكراء مرتفعة جدا يا خالتي، خاصة وأن نسبة الهجرة من البوادي ارتفعت بشكل كبير...

- كان الله في عونكم يا ولدي...

تقولها وهي تمسح دمعة تسللت من عينها...

تم وضع الأثاث الكبير فوق السيارة، وبعدها تكدس الأطفال بداخلها صحبة أثاث المطبخ وبعض أكياس الحبوب وقنينات الزيت، في حين جلس الزوج والزوجة إلى جانب السائق بمقصورة القيادة...

تحركت السيارة، فتحرك خلفها الغبار ، أيادي تلوح مودعة، صوت المحرك امتزج ببكاء المودعات، ودعوات المودعين...فاطمة تبكي، وعبد السلام صامت يلقي إطلالة أخيرة على منزله من نافذة السيارة...

 على جنبات الطريق فلاحون بسطاء يلوحون، ولسان حالهم يقول" أنتم السابقون ونحن اللاحقون"...

يتذكر عبد السلام بقرته التي سلمها لأبيه، والدجاج، ومحراثه الخشبي الذي لازال معلقا فوق الحائط...

مع مرور الساعات، نام الجميع باستثناء السائق وعبد السلام. سأل الأول الثاني:

- واش دبرت فشي خدمة فطنجة ولا مزال أعمي عبسلام؟

أجاب الثاني بحزن:

- المهم هو نخويو هاد الكُحرة، ومدبرها حكيم...أيقولو الخدمة موجودة فطنجة، أما هنا الحبيب، البلاد مشاث فالخسران...

مع ظهور تباشير الصباح، أطلت طنجة بمبانيها، وزرقة البحر حولها...أيقظ زوجته وهو يشير بأصبعه:

- انظري يا فاطمة انت على بعد دقائق من عروسة الشمال

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-