في المغرب، تشكل الفوارق الجهوية في التنمية إحدى أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، رغم الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي أطلقت خلال السنوات الأخيرة. ويُظهر توزيع الناتج الداخلي الخام (PIB) للفرد حسب الجهات سنة 2023، كما هو موضح في الخريطة، تفاوتات صارخة تعكس واقع التنمية غير المتكافئة بين مختلف مناطق المملكة.
فبينما يتجاوز الناتج الداخلي الخام للفرد في بعض الجهات الجنوبية مثل جهة الداخلة–وادي الذهب (89.533 درهم) وجهة العيون–الساقية الحمراء (69.069 درهم) المعدل الوطني البالغ 40.508 درهم، نجد جهات أخرى في وسط وشرق البلاد تسجل مستويات أقل بكثير، مثل جهة درعة–تافيلالت (25.324 درهم) وجهة مراكش–آسفي (25.765 درهم).
وتبرز كذلك جهة الدار البيضاء–سطات كقطب اقتصادي أساسي بمتوسط دخل فردي يصل إلى 62.777 درهم، متفوقة على جهات الشمال مثل طنجة–تطوان–الحسيمة (39.303 درهم)، بينما تسجل جهة فاس–مكناس (27.782 درهم) والجهة الشرقية (31.597 درهم) مستويات ضعيفة نسبيًا، ما يعكس محدودية الاستثمار الصناعي وتركز النشاط الاقتصادي في محاور معينة.
هذه الأرقام تؤكد أن النمو الاقتصادي الوطني لا يُترجم بشكل متوازن على المستوى الترابي، حيث تظل الثروة مركزة في جهات محدودة، في حين تعاني جهات أخرى من ضعف البنيات التحتية، قلة الاستثمارات، وهشاشة النسيج الاقتصادي. وهو ما يفاقم ظواهر مثل الهجرة الداخلية نحو الأقطاب الكبرى، وزيادة الضغط على الخدمات في المدن الكبرى.
من جهة أخرى، يُظهر الأداء المرتفع لجهات الصحراء أن الاستثمار العمومي الكثيف في هذه المناطق (من خلال مشاريع البنية التحتية، الطاقات المتجددة، ومناطق الصيد البحري) بدأ يعطي ثماره، في حين لا تزال جهات الداخل والشرق تنتظر مبادرات تنموية قوية تُمكّنها من استغلال إمكاناتها الزراعية والسياحية والصناعية.